وزير الأجانب يعلن الحرب على الأذان… في بلد لا يُسمع فيه أذان!

وزير الهجرة الدنماركي أمام مسجد في كوبنهاغن خلال الجدل حول حظر الأذان في الدنمارك.
الجدل السياسي حول حظر الأذان في الدنمارك يعود رغم عدم وجود أذان فعلي في المساجد.

أولاً لنوضح الأمر ولنضع النقاط على الحروف:
في الدنمارك، لا يُسمع الأذان جهراً من المساجد،
ولا توجد في مساجد البلاد سماعات خارجية تنادي للصلاة بصوت عالٍ.
وهذه النقطة تحتاج إلى التوضيح قبل الدخول في تفاصيل الموضوع…
ومع هذا وبشكل مفاجئ.. قرّر وزير الهجرة أن يسعى لحظره!
أي والله هكذا وبكل بساطة..!

تابعتُ تصريح الوزير راسموس ستوكلوند، وزير الأجانب والاندماج
الذي طالب فيه وزارته بدراسة إمكانية حظر الأذان في الأماكن العامة
قائلاً إن نداءات الصلاة من المآذن لا تنتمي بأي شكل من الأشكال إلى الدنمارك.

نداءات الصلاة من المآذن لا تنتمي بأي شكل من الأشكال إلى الدنمارك.

طيب، قبل أن نتعمّق أكثر
أريد أن أذكّر أن الوزير راسموس — أو “غاسموس” كما يُلفظ بالدنماركي —
كان نائبًا برلمانيًا للحزب في عام 2020
وذكر آنذاك أنه لا يوجد أي معنى لحظر الأذان في الدنمارك،
لأنه غير موجود أصلاً، وليس هناك أي مسجد ينادي للصلاة جهراً.
وأضاف في ذلك الوقت أن لا داعي لحظر نداءات الصلاة، لأن الأمر لم يحدث سوى مرة واحدة في تاريخ الدنمارك،
وقال ساخرًا: نحن لا نصنع القوانين كي نصنع فيديوهات على فيسبوك.

وتأكيدًا لكلام الوزير حينها، فمن خلال الأربعين أو الخمسين سنة الأخيرة
لم يُرفع الأذان سوى مرة واحدة فقط… نعم أكررها: مرة واحدة فقط،
وكان ذلك في ربيع عام 2020 في وقت اشتداد أزمة جائحة كورونا،
حين قام مسجد السلام في أورهوس، بالتعاون مع كنيسة غيلروب المجاورة،
بمبادرة هدفها إيصال رسالة تضامن وأمل وامتنان إلى السكان — مسلمين ومسيحيين —
في وقتٍ صعب بسبب الوباء، حين كان الناس متخوفين من المصير المجهول.
يعني لم يكن المقصود إقامة الصلاة في العلن،
بل فقط بثّ لحظة قصيرة من الأمل والوحدة الإنسانية وقت الأزمة،
وانتهى الحدث في حينه ولم يتكرر…
لكن الوزرير غير يبدو وجهة نظره

صوت غير موجود… ومعركة مفتعلة جدًا.

الوزير يريد اليوم حظر الأذان، والكل يتساءل: كيف يمكن حظر شيء غير موجود أساسًا؟
وهذا ما أكده عالم الاجتماع في جامعة كوبنهاغن براين آرلي ياكوبسن،
حين قال إنه لا توجد أي مساجد في الدنمارك ترفع الأذان في العلن، وإن حدث، فيكون داخل المبنى فقط.
بمعنى آخر، أراد الأكاديمي أن يرد بلغة راقية اكاديمية على مبادرة الوزير، ويقول له ببساطة:
أنت تشن حربًا على شيء غير موجود اصلاً.


وجهة نظر شخصية

شوف، الله يسلمك…
الوزير يعرف تمامًا أن الأذان لا يُرفع في الدنمارك،
وما مبادرته الغريبة هذه إلا تسجيل موقف لا أكثر ولا أقل.
الانتخابات قريبة، والرجل يريد أن يُدلي بدلوه، مثل غيره من السياسيين،
وبما أنه لا توجد معركة سياسية حقيقية تُخاض
سوى تلك ورقة ملفات الأجانب والمهاجرين والمسلمين،
فقد قرّر أن يركب الموجة ويكسب بعض الأصوات،
خصوصًا مع تراجع مكانة حزبه بين الناخبين.
وللتذكير، الوزير ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي،
نفس حزب رئيسة الوزراء ميته فريدريكسن.

وما يقوله الوزير من وجه نظري المتواضعة
ليست عنصرية دينية على الإطلاق، بل سياسية رمزية بامتياز.
فالوزير ليس غبيًا — فلا يوجد غبي يصبح وزيرًا —
لكن الدهاء والتلون والمناورة من أدوات السياسيين المحترفين.
هو ببساطة يريد أن يرفع شعبيته الانتخابية في وقتٍ يشتد فيه التنافس قبل انتخابات البرلمان التي باتت قريبة
الفرق الوحيد أن الرجل انتقل من نائب بافكار واقعية إلى وزير انتخابي انتهازي يسعى للحفاظ على منافعه.

وأنا — وبكل تواضع — ذكرت لك قبل أشهر من الآن:
حضر نفسك أيها المهاجر كي تصبح اللقمة السائغة والسهلة في أفواه المنتفعين والوصوليين من السياسيين الدنماركيين
في الفترة القادمة، استعداداً للحملات الإنتخابية والتي ستصبح انت بطلها المطلق.

وكل هذه الأنواع من التصريحات تُعرف باسم سياسة الرموز او سياسات رمزية — أو كما يقولون بالدنماركية Symbolpolitik
أي أن تطلق تصريحًا لا يغيّر شيئًا في الواقع، لكنه يُرضي مشاعر الناخبين القلقين من الإسلام بشكل خاص والهجرة والاجانب بشكل عام

الوزير يريد أن يقول لناخبيه:
اطمئنوا، لن يُسمع شيء في شوارعنا… حتى وإن لم يُسمع من الأساس.
يعني حتى لو لم يوجد صوت سأصنع واحدًا لأحظره.
مثل شخصٍ يُكثر من مشاكله مع جاره كي يصنع منه عدوًّا،
وفي النهاية يقتله.. ليفتخر بأنه قتل عدوَّه وتخلّص منه.


خلاصة القول

القصة ليست عن مآذن ولا مكبرات صوت ولا اسلام ومسلمين.. نوعا ما.
القصة عن وزير يحاول أن يبدو قويًا في زمنٍ تتراجع فيه شعبية حزبه.
وعن سياسةٍ تصنع ضجيجًا من لاشيء.
وصح الدنمارك لايوجد فيها اذان
لكن فيها سياسيون انتهازيون…
يؤذنون كل صباح بشعارات الخوف والتهديد..وياربت تحظر اصواتهم يوماً

أي والله زمبؤلك كده.

‎مؤخرة الموقع

‎القائمة الجانبية المتحركة

About Me

About Me

مدونة خاصة انقل فيها تجاربي ووجهات نظري الشخصية وفيها عن الدنمارك وأحوال مجتمعها الصغير.. . المزيد من الحكايا اليومية تجدها على حساباتي على مواقع التواصل الإجتماعي لذلك لاتفوت المتابعة يالطيب.